منذ القديم، ومن موقع تبسة المتميز الرابط بين الشمال والجنوب والممتد إلى الحدود التونسية وعلى أرضها الخصبة ومياهها العذبة الدفاقة، تشكلت علاقات وصلات مع مختلف الشعوب والحضارات، فكانت مصدر إلهام وابتهاج لهم ...
إن إشعاع تبسة وتأثيرها كمنطقة كبيرة كانت موطنا لاستقرار إنسان العصور الغابرة المنتشرة مخلفاته بكل ربوع الولاية.... كمدينة كانت مؤثرة حضاريا خلال الأزمنة القديمة بل وكانت إحدى أكبر وأهم المدن في تلك الفترات.... كشعب بطل خلدت بسالته أشهر البطولات وكتب بدمه أكبر التضحيات، وإذ نعرف الكثير عنها، عن نواحيها وتاريخها، حكايات معالمها الخالدة، سورها الشاهق، شخصياتها وأعلامها، يتوجب علينا أن نعتني بذلك ونميط اللثام عنه ونبرزه لمختلف فئات المجتمع.
تقـع منطقة تبســة أقصى شرق الجمهورية الجزائرية بين خطي طول 7° و8° شرقــُا وبين دائرتي عرض 34° و36° شمالاً، يبلغ ارتفاعها 900 م على مستوى سطح البحر، تحدها شمالا ولاية سوق أهراس، غربا ولايتا خنشلة وأم البواقي، جنوبا ولاية الوادي، أما شرقا فنجد الجمهورية التونسية.
تتكون من عدة سلاسل جبلية منها جبل الدكان 1712م وترتفع منها جبال أخرى كجبل أزمور 1353م وبورمان 1545م، من الجهة الغربية نجد جبال سرجاس1421م وجبل متلوق 1253م، ومن الجهة الشرقية جبل الدير 1472م و الزيتونة 1324م.
تتربع الولاية على مساحة 14227 كلم²، وصل تعداد سكانها إلى 750000 نسمة سنة 2010، تأخذ تبسة حسب التقسيم الإداري الأخير للجزائر الرمز 12، تضم 12 دائرة و28 بلدية.
تعتبر تبسة منطقة العلماء والشهداء، هناك وبالضبط تقع أشهر مدينة أثرية المعروفة بإسم "تيفاست"، هي التي لها من الروائع التاريخية ما يخلده التبسي الأصيل، فهي مدينة الحضارات بمعالمها الشاهدة على تعاقب الأمم ، المدينة التاريخية والثورية برموزها وأبطالها الذين كتبوا بدمائهم أكبر البطولات في البسالة والتضحية.
إن التعريف بالتاريخ التبسي هو بمثابة الإعتناء به ودراسته دراسة معمقة نعطي من خلالها حق الشواهد والحوادث التاريخية ثراء، سواء كان ذلك في الساحة العلمية أو البحثية، مبرزين جوانبها الإجتماعية، الإقتصادية والسياسية، فالتعريف بها على هذا المستوى هو في خضم أصالة المدينة وعراقة إمتدادها الحضاري، فالتاريخ التبسي له محطات بطولية كثيرة وملاحم ثورية خالدة يستوجب الوقوف عندها.
إستغل إنسان ما قبل التاريخ ما توفر في الطبيعة لصنع أدوات وأغراض تساعده في التأقلم مع بيئته ويظهر ذلك من خلال ما خلفه لنا من آثار بالمواقع المنتشرة عبر ربوع الولاية.
بداية بالحضارة الأشولية المعروفة خصوصا بأدوات ذات الوجهين المكتشفة بموقع العوينات الذي يعد أقدم موقع أثري بولاية تبسة إضافة إلى موقع الماء الأبيض، الذي يعود إلى الأشولية الحديثة وهو من أهم مواقع الحضارة الأشولية بشمال إفريقيا.
تلتها الحضارة العاترية (66 – 20 ألف سنة ق.ح) أين تطورت أشكال وتقنيات صناعة الأدوات الحجرية بإضافة عنق للأداة ليسهل عملية مسكها فسميت بأداة ذات العنق، سميت بهذا الإسم نسبة إلى موقع وادي الجبانة ببئر العاتر، الذي يمثل معلما لهذه الحضارة المنتشرة بمعظم أرجاء شمال إفريقيا والصحراء، ومن أبرز مواقع تواجدها : موقع عين منصورة، الأوبيرة، وادي سردياس وجوف الجمل.
وفي حدود الألف العاشرة ظهرت أنماط جديدة لصناعة الأدوات أين أصبحت أكثر دقة وتنوعا وأقل حجما كالنصال والنصيلات، إضافة إلى ظهور الصناعة العظمية وهي إحدى خصائص الحضارة القفصية المعروفة مواقعها بتسمية الحلزونيات لوفرة قواقع الحلزون الذي كان يتغذى عليه الإنسان القفصي، ومن أبرز المواقع القفصية بالمنطقة موقع عين مستيحية وريليلاي جنوب الشريعة، موقع عين الدكارة الذي عثر به على هيكل عظمي لإنسان، إضافة إلى موقع بكارية، وادي رفانة، خنقة الموحد، نقرين...إلخ.
خلال العصر الحجري الحديث المعروف بعصر الحجارة المصقولة حدثت نقلة نوعية في حياة الإنسان إذ انتقل من نمط عيش يعتمد على الاستهلاك إلى نمط يعتمد على الإنتاج، ومن مظاهر ذلك ظهور الزراعة باختراعه أدوات السحق (الرحى والمدقات)، الفؤوس المصقولة وهي فؤوس ملساء بنهاية حادة، كما ظهرت تقنية جديدة في الصناعة الحجرية تدعى تقنية الضغط من أجل الحصول على أدوات أكثر دقة وأقل طولا وهي تقنية مرتبطة بظهور رؤوس السهام، إضافة إلى انتشار الفن خلال هذه الفترة من خلال الرسوم الصخرية المتواجدة بمغارة وادي هلايل ووادي بوسمان، وابتكار الفخار بمعنى توصل البشر إلى صنع أواني توضع على النار، ومن أهم مواقع العصرالحجري الحديث بالمنطقة الداموس الأحمر وتازبنت.
أما خلال فترة فجر التاريخ، وهي حلقة الوصل بين ما قبل التاريخ والتاريخ، فقد بدأ الإنسان في استخراج المعادن وتصنيعها وممارسة بعض الطقوس الجنائزية التي دلت عليها المعالم الجنائزية المنتشرة بمنطقة قاستل، جبل مستيري، رأس العيون، نقرين وفركان.
لقد كانت للحياة التجارية لدى الفينيقيين وممارستهم لمختلف الأنشطة الحرفية أهمية بالغة، دفعت بهم إلى التوسع نهاية القرن 12 ق.م باتجاه سواحل شمال إفريقيا للحصول على مواد أوليـة جيدة لمنتجاتهم، أين أسسوا قرطاجة وجعلوها عاصمة لهم بالمنطقة سنة 814 ق.م، واستمروا في التوسع نحو تبسة ، حيث قاموا بنقل نشاطهم التجاري والاقتصادي إليها، وهو ما أدى إلى تصاهرهم مع سكان تبسة الذين كانوا يعرفون، على غرار سكان الجزائر آنذاك باسم النوميديين، ما خلق نوعا من التأثر الفكري والثقافي بالمنطقة.
و على سبيل المثال نجد ذلك مجسدا في نصب وتماثيل للآلهة مثل: " تانيت " و" بعل حامون "، كما أسس الفينيقيون موانئ ومراكز تبادلات تجارية بالشرق الجزائري من بينها مركزا تجاريا بتبسة يتسنى لهم من خلالها ممارسة تجارتهم مع مناطق عديدة وخلق اتصال بين مدن البحر المتوسط والشرق الأدنى ما جعل من تبسة ثاني أهم مدينة بعد قرطاجة في تلك الفترة.
استمر التواجد الفينيقي في منطقة تبسة إلى غاية نهاية الحرب البونية الثالثة سنة 146 ق.م بسقوط قرطاج وتدميرها بالكامل من قبل الرومان.
بعد سقوط قرطاج سنة 146 ق.م، بدأ التوسع الروماني بشمال إفريقيا وأخذ في الزحف إلى أن وصل إلى منطقة تبسة خلال النصف الثاني من القرن الأول ميلادي (74- 79 م)، حيث أصبحت مقرا للفيلق الثالث الأغسطي سنة 75 م في عهد الإمبراطور فيسبيسيانوس. خلال هذه الفترة عم الازدهار حيث ترقت تيفاست إلى بلدية تابعة لروما، ونظرا للانتعاش الاقتصادي وتطور النظام الاجتماعي والسياسي وتوسع الفنون والمشاريع فيها تم تشييد المسرح المدرج في الفترة الممتدة بين (75 م - 80 م)، كما عرفت هذه الفترة تشييد العديد من الطرقات.
خلال القرن الثاني الميلادي، حدث نمو سريع للمنطقة، فانتشرت زراعة الكروم والزيتون نظرا لخصوبة الأراضي الزراعية بها، حيث عثر على أكثر من 200 معصرة على الطريق الرابط بين تبسة وبئر العاتر، ومعصرة برزقان المتواجدة بالقرب من الماء الأبيض خير دليل على ذلك باعتبارها أكبر المعاصر بشمال إفريقيا في تلك الفترة.
من أجل التوسع أكثر، أقامت روما منشآت دفاعية في عهد الإمبراطور " تراجان "، نذكــر منها "AD Majores" جنوب نقرين (بسرياني) سنة 105 م، بهدف التحكم في الطرق الجنوبية والشرقية.
لقد شهدت تيفاست عصرا ذهبيا بتشييد المباني العمرانية، الحمامات الفخمة وقنوات صرف المياه، أين وصل تعداد سكانها إلى 50000 نسمة في عهد الإمبراطور " هادريانوس " (117 م - 138 م).
تواصل الازدهار بمنطقة تيفاست إلى أن أصبحت مستعمرة رومانية خلال فترة حكم " سبتيم سيفر " وولديه (193 م - 217 م)، آخرهم " كراكلا "، الذي أعطى حق المواطنة لأهالي المنطقة، وعلى شرفه تم بناء قوس النصر كراكلا سنة 214 م والذي يشبه إلى حد كبير قوس النصر جانوس المتواجد بروما.
لم يدم هذا الازدهار طويلا، فسرعان ما عادت الاضطرابات والحروب الأهلية زادت من حدتها اتخاذ إجراءات صارمة ضد معتنقي المسيحية من قبل الإدارة الرومانية، خاصة خلال فترة حكم الإمبراطور " غورديان " (238 م - 244 م)، أين تعرضت تبسة للنهب والتخريب.
عرفت تيفاست بداية انتشار الديانة المسيحية، والبازيليكا هي إحدى الكنائس المسيحية التي كانت عبارة عن هيئة إدارية وقضائية في أول الأمر (القرن 2 م)، وعند اعتراف الإمبراطورية الرومانيــة بالديانــة المسيحيــة، أطلق عليها " بازيليكا سانت كريسبين " علـى شرف القديســة " كرسبين "، وقد أخذت شكلها النهائي مع نهاية القرن 5م.
إشتهرت تبسة في التاريخ الكنائسي بعدة قساوسة تيفستيين، نقشت أسماءهم في قبو قابينيلا أشهرهم: سان ماكسيمليان، الذي رفض التجنيد بدعوى تدينه الشديد، فما كان نصيبه إلا التعذيب والتنكيل وتوفي بتيفاست سنة 295 م، إضافة إلى ليسيوس 255 م، روميلوس 349 م، إيربيكوس 411 م وفيليكس، الذي استدعي إلى قنصلية قرطاج سنة 484 م بحكم مكانته بين القساوسة في ذلك الوقت.
لقد خلف لنا الرومان مجموعات أثرية متنوعة عكست الازدهار الذي عرفته المنطقة في هذه الفترة، نذكر منها أواني فخارية متعددة الأشكال والاستعمالات، مصابيح زيتية من الطين المشوي، عملات نقدية، قارورات زجاجية، نقيشات، نصب وموائد جنائزية وتماثيل آدمية وحيوانية، طواحن، توابيت، لوحات فسيفسائية، أحواض، بالإضافة إلى عناصر معمارية عديدة.... وغيرها.
لقد كان لمنطقة شمال إفريقيا بما فيها منطقة تبسة مكانة إستراتجية جعلته عرضة للأطماع الإستعمارية، حيث تمكن الرومان من بسط سلطتهم عليها لمدة طويلة فنهبوا خيراتها وأذلوا أهلها وصادور أملاكها، غير أن هذه السيطرة لم تكن محكمة لرفض سكان المنطقة للإحتلال الروماني وهو ما أدى بالأهالي للقيام بثورات ضدهم.
إستغل الوندال الوضع خاصة بعد ما آلت إليه الإمبراطورية الرومانية بعد ضعف الجيش وعجزهم عن حماية المناطق البعيدة التي تسيطر عليها، وهذه الحالة من الفساد مست العلاقة بينها وبين مستعمراتها، فشمال إفريقيا من أحدى هذه المستعمرات التي أنتجتها هذه الفوضي، خاصة بعد تمرد "بونيفاس" علي الإمبراطورية، فكانت الثورات البربرية متزامنة مع الكثير من سكان منطقة تبسة التي أرهقتها ضرائب الإمبرطورية، فقرر الوندال تنظيم غارة على إفريقيا وكان " جنسريق " على رأسها، وأثناء زحف جيشه داخل المنطفة (شمال إقريقيا) كانت تتبعه أعمال فضيعة من عبث بالأشجار والمزروعات، حرق الكنائس وتعذيب للقساوسة وتقتيل الشيوخ والأطفال، فلم تسلم تيفاست هي الأخرى من وحشيتهم، إذ قاموا يتخريبها عدا قوس النصر كراكلا ومعبد مينارف تقريبا.
بعد أن أزاح الوندال حكم الرومان لشمال إفريقيا، فمن الطبيعي أن يكون هناك تغير علي مستوي النظم التي تحكم البلاد، فقد أسس الوندال دولة ملكية كانت هذه أول دولة ملكية وراثية تأسست بشمال إفريقيا، توارث عرشها عديد الملوك بداية بجنسريق وكانت أول عاصمة لهم بهذا الوطن مدينة بونة عنابة. أمام كل هذه الظروف والمعطيات، قامت ثورات بربرية عديدة تطالب بتحرير البلاد، في الوقت الذي نشبت فيه خلافات بين الوندال أنفسهم على السلطة، حيث كثرت الدسائس والمؤامرات ضد كل حاكم.
لقد تبين للبرابرة أن الوندال مثل الرومان في القسوة و الوحشية و الإستغلال فقد شملت الثورات معظم مناطق شمال إفريقيا شرقا بما فيها تيفاست وغربا، وقد حاول "جيليمار" القضاء على تلك الثورات الأهلية دون جدوى، وهوالدافع الذي شجع البيزنطييون للقدوم بإعتبارهم الوريث الشرعي للإمبراطورية الرومانية ومحاربته، إلى أن إستولوا على قرطاج عام 533م والسيطرة على المنطقة سنة 534م بعد إستسلام "جليمار" إنتهى الإحتلال الوندالي الذي إستغرق بالمنطقة مايزيد عن قرن. أما فيما يخص مخلفاتهم " لوحات ألبرتيني " المشهورة المكتشفة سنة 1928م جنوب شرق تبسة، وهي عبارة عن عقود للملكية،التجارة،الزواج والضرائب مكتوبه على ألواح خشبية باللغة اللاتينية مؤرخة في عهد الملك " غونتاموند " (484م-496م).
أطلق البيزنطيون على أنفسهم اسم الرومان معتبرين أنفسهم الوريث الشرعي للإمبراطورية الرومانية بعد سقوطها، أما كلمة بيزنطيين فقد اشتقت من كلمة "بيزانتيوم" (بيزنطة) وهو الاسم الإغريقي لمدينة تقع على مضيق البوسفور الذي يشكل جزءًا من الممر المائي الذي يربط البحر الأسود بالبحر المتوسط.
عرفت الإمبراطورية البيزنطية أكبر توسع لها في عهد الإمبراطور "جستنيانوس" (527 م و565 م) والذي عقد العزم على استرداد عظمة الإمبراطورية الرومانية باستعادة أراضيها خاصة بشمال إفريقيا على يد قائده "بليزاريوس" والذي وصل إلى منطقة تيفاست حوالي 533 م فبسط البيزنطيون نفوذهم على المنطقة تحت ظل استرجاع الأمجاد الرومانية في بلاد إفريقيا والأقاليم الرومانية ككل، وكان بليزاريوس- أكثر الرعايا ولاء للإمبراطور- الذي ساعدت بطولته وبسالته في جعل فترة حكم "جستنيانوس" عصرا ذهبيا في تاريخ الإمبراطورية البيزنطية.
اقتبس البيزنطيون في عهد "جستنيان" قوانين كثيرة من قوانين الرومان القدماء كما سنوا مجموعة من القوانين عرفت باسم "قانون جستنيانوس"، وفيها ما يهدف إلى تموين القسطنطينية بالأموال وبكل أشكال المؤونة وهو ما عجل بظهور ثورات بربرية ضدهم سنتي 534 م - 535 م، وهنا خلف القائد "صالمون" "بليزاريوس" على قيادة الجيش بعد أن أجبر هذا الأخير على المغادرة إلى "هيبون" ومن ثم إلى بيزنطة، فقضى "صالمون" على التوتر والبغضاء بين البيزنطيين وسكان تيفاست بعد أن خاض عدة معارك بها، لكن هذا الهدوء لم يدم إلا أربع سنوات إلى أن قام أحد أحفاده بقتل عدد من الأهالي لتثور ثائرة التفيستسيين الذين قاموا بجمع قوة بربرية عبر أرجاء المدينة والمنطقة أذهلت القائد "صالمون" وأسفرت بعد معركة حاسمة على مقتله والتغلب على الجيش البيزنطي، وعلى إثر ذلك دخلت المنطقة فترة عدم استقرار حتى وصول الفتوحات الإسلامية إلى شمال إفريقيا.
استغل البيزنطييون ما خلفه الرومان من منشآت في تحصين المدن وهو ما تجلى في القلعة البيزنطية بمدينة تبسة، التي تعتبر من أهم المنشآت الدفاعية في شمال إفريقيا خلال فترة حكم الإمبراطور "جستنيانوس" معتمدين في ذلك على بقايا الآثار الرومانية من حجارة، أعمدة، تيجان وغيرها، فنقلوا مواد البناء من مختلف المباني والمنشآت كالمسرح المدرج وتبسة الخالية وغيرها من المواقع لبناء القلعة التي أدمجوها مع قوس النصر كراكلا من الجهة الشمالية كما دعمت القلعة بـ 14برجا للحراسة. عرفت الإمبراطورية حالة من الإفلاس عند موت "جستنيانوس" سنة 565 م وذلك بسبب التكاليف الباهظة للحروب والإصلاحات التي أجريت في عهده.
تراجعت الديانة الوثنية شيئا فشيئا أمام ظهور الديانة المسيحية رغم القتل الذي كان يتهــدد كل مــن يعتنقــها فعمل الأباطــرة علـى طمس معالمهــا إلى أن اعترف " قسطنطينوس الأول " بالديانة المسيحية عام 313 م فأعلن فيه التسامح الديني للمسيحيين وصدرت وثيقة بهذا الاسم، ويعتبر هذا تحولا كبيرا في التاريخ الكنائسي للإمبراطورية تجلى من خلال توسيع البازيليكا المسيحية بإضافة مصليات وإحاطتها بسور مزود بأبراج دفاعية، كما وجدت الرموز الدينية المسيحية على مخلفاتهم بتيفاست من أواني فخارية، عملات نقدية، شواهد، لوحات فسيفسائية وعلى الكثير من العناصر المعمارية.
لم يكن فتح بلاد المغرب يسيرا على الفاتحين المسلمين بسبب النطاق الجغرافي الشاسع وكذلك ما توارثه سكان المنطقة من أفكار مسبقة حول الغطرسة والجبروت الذي تكبدوه على يد الغزاة السابقين من رومان، وندال وبيزنطيين. فتوالت حملات القادة المسلمين وتعددت كانت في كل مرة المقاومة البربرية صامدة وواقفة في طريقهم، بمساعدة في كثير من الأحيان القوة البيزنطية التي أدركت منذ البداية بأن فتح المنطقة يعني نهاية تواجدهم وبالتالي، من جهة، نهاية فترة زاهية كانوا خلالها ينعمون بخيراتها الكثيرة، ومن جهة أخرى، الخوف من انتشار الإسلام في منطقة تعتبر ذات أهمية بالغة بالنسبة لهم. وبعد محاولات فتح بعض المناطق من تونس بقيادة كل من عبد الله بن أبي سرح عام (27 هـ - 647 م) ومعاوية بن حديج الكندي عام (45 هـ - 665 م)، وإرساء قواعد تكون منطلقا للتوسع ونشر الإسلام في باقي المناطق، واصلوا الحملات باتجاه المغرب الأوسط، وكانت تبسة منطلقا لولوج هذه المنطقة، التي كانت المقاومة بها شرسة من قبل البربر والبيزنطيين على حد سواء، فكانت من أهم الحملات :
لقد كان للفن الإسلامي ميزات عن غيره من الفنون، حيث اعتمد على الزخرفة الهندسية والنباتية وحرم تصوير الكائنات الحية (الآدمية والحيوانية)، إضافة إلى ابتكار نمط فني جديد يعتمد على الزخرفة الهندسية المركبة، ليأتي الخط العربي هنا ليجمع بينهما، فظهرت العمارة الإسلامية مجسدة في المساجد، القصور، الكتاتيب لتدريس القرآن وتعاليم الدين، وأبرز ما خلفته لنا هذه المرحلة بالمنطقة عملات نقدية، مصابيح زيتة من الفخار، شواهد قبرية... وغيرها.
بعد سقوط الدولة الإسلامية بالأندلس سنة (1492م) احتدم الصراع بين الإسلام والنصرانية خصوصا بتواصل الاعتداءات الإسبانية في الحوض الغربي للبحر المتوسط، ومع بداية القرن العاشر هجري – السادس عشر ميلادي ظهر عدد كبير من البحارة نشأت في خدمة الأسطول العثماني والتي تعمل لحسابه، من بينها أسطول "عروج" و"خير الدين بربروس"، حيث بدأ نشاطه في غرب البحر المتوسط سنة (916 هـ - 1510 م )، أين فتحت له موانئ إفريقيا بعد حصوله على موافقة أهالي الجزائر على ذلك لاسترداد بجاية، أكبر موانئ الشرق الجزائري آنذاك من الغزاة الإسبان، إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك فدخلوا عن طريق ميناء جيجل سنة (1514م)، واستقروا بقسنطينة بعد أن وصلوا إليها سنة (1517م)، وكان لتواجدهم الأثر الهام في تطويرها إلى أن أصبحت عاصمة لبايلك الشرق، وتبسة كانت إحدى المدن التابعة لها إداريا، وهو أكبر البايلكات مساحة وسكانا، كان يمتد من الحدود التونسية شرقا إلى بلاد القبائل غربا، ومن البحر المتوسط شمالا إلى حدود الصحراء الكبرى جنوبا، كما تميز بقلة النفوذ العثماني قياسا ببقية البايلكات.
ويعتبر " المسجد العتيق " الذي شيد سنة (1842 م) أبرز المعالم المعمارية التي خلفها لنا العثمانيون، إضافة إلى العديد من القطع النقدية.
تسعـــــى إدارة المتحف العمومي الوطني بتبسة إلى تحقيق أعلى مقاييـس خــدمات المتاحف لمواطنـي ومقيمي الولايـة وزوارهـــا من خلال قــاعات العـــرض ومحتوياتها ومعارضها وبرامجها التعليمية والبحثية وبرامج التواصل مع المجتمع، وذلك بالقيام بالأدوار التالية:
لقد خلفت الشعوب القديمة التي استوطنت الجزائر آثارا شاخصة تمثلت خصوصا في مواقع ومعالم أثرية تدل على حضارة راقية لا يزال الكثير منها قائما إلى الآن والبعض منها ينتظر معاول المنقبين، كما أن بعض المدن استمر العيش فيها حتى الوقت الحاضر، ومنها مدينة تبسة أو تيفاست التي تمتلك رصيدا أثريا وحضاريا مهما ارتقى بها إلى مصاف كبار مدن شمال إفريقيا، ونخص بالذكر هنا معالمها الأثرية التي ما تزال تقاوم الزمن رغم ما لحق بمعظمها من تدهور وسوء حماية وترميم.
بني هذا المعلم كما تبينه نقيشتان لاتينيتان بسخاء رجل تبسي غني يسمى « Caius Cornelius Egrilianus » حاكم الفرقة الرابعة عشر(Gemina) والذي أوصى بتخصيص 250 ألف سيستر لبناء القوس وذلك على شرف الإمبراطور وكان ذلك بين سنتي 211 و217م.
يعتبر هذا القوس من روائع الآثار الرومانية بالجزائر بالنظر إلى تقنية بنائه من نوع مربع الأقواس والزخارف التي يحملها من كتابات لاتينية ورسومات متنوعة لحيوانات ونباتات وبعض الطيور، يعتبره أحد الباحثين من أهم وأندر معالم الحضارة الرومانية. عندما بني البيزنطيون السور أو القلعة حول المدينة أصبح قوس كراكلا إحدى أبوابها الرئيسية خلال القرن السادس ميلادي.
غير بعيد عن قوس النصر كراكلا، شيد هذا المعلم في عهد العائلة السيفيرية (193- 217م)، وهو تحفة فنية كانت مكرسة لعبادة الإلهة مينارف وكبار الآلهة الوثنية، ولخصائصه المعمارية فقد شبه بالبيت المربع في مدينة نيم، شكله مستطيل طوله 19م وعرضه 09م، يتم الوصول إليه من خلال سلم تظهر منه إلا 12 درجة، كما تتدعم واجهته بستة أعمدة كورنثية ويتزين بزخارف ورسومات آدمية وحيوانية ونباتية.
رغم أن هذا الصرح المعماري استخدم لعدة أغراض خلال حقب تاريخية متعددة إلا أنه بقي صامدا إلى أن أصبح حاليا متحفا يضم عددا لا يستهان به من المقتنيات الأثرية.
السور البيزنطي أو القلعة البيزنطية يعد من أهم المنشآت التي شيدها البيزنطيون في شمال إفريقيا ككل، بني في عهد الإمبراطور "Justinianus" بين سنتي 535 و538 ميلادي من طرف القائد البيزنطي "Solomon" بهدف ردع الثورات المحلية وضمان السيطرة على المنطقة.
اعتمد في بنائه على حجارة وآثار رومانية، يتميز بشكله المستطيل الذي يحيط بالمدينة القديمة (280X320م) وبجدرانه العالية (9 إلى 10م)، يحتوي على ثلاثة أبواب رئيسية هي باب كراكلا، باب سولومون وباب شاله، ويتدعم بـ 14 برجا للمراقبة يصل ارتفاعها إلى 17م، وهي مقتربة من بعضها البعض بها فتحات للرماية في أوقات الحروب، يتصل كل برج بالآخر بأروقة استعملت كممرات للحراس.
عند تشييدها في القرن الثاني للميلاد كانت عبارة عن منشأة قضائية وعند ظهور المسيحية وانتشارها أضيف لها أجزاء لتصبح بازيليك مسيحية، سميت ببازيليك ”سانت كريسبين“ على شرف القديسة كريسبين النوميدية وذلك بأمر من القديس ”أوغستين“، تمتد على مساحة 20.000 متر مربع، وبذلك تعد من أكبر الكنائس البيزنطية في شمال إفريقيا وأكثرها تأثيرا، واكتملت أجزاؤها المعروفة إلى اليوم خلال القرن الخامس ميلادي، تتشكل البازيليك من مجموعة من البنايات المترابطة المحصنة بسور بيزنطي يميزها وجود ثلاث كنائس، باب مسقف يرتكز على أربعة أعمدة، رواق معمد، الدياميس، الحدائق، المسابح، الأتريوم الذي يوجد به حوض الغسيل، بيت التعميد وطاولة القربان، بالإضافة إلى غرفتين لخزن المقدسات.
يوجد الموقع الأثري تبسة العتيقة أو تبسة الخالية كما يعرف محليا على بعد 2 كلم عن وسط المدينة والقلعة البيزنطية وأسست في السفح الشمالي الغربي لجبل الدكان. كان بهذا الموقع العديد من المباني وما تزال بعض ملامحها بادية إلى الآن ومنها : المعبدان الكبير والصغير، المسابح والأحواض وبناءات كبيرة سكنها الكهنة وعائلاتهم، بالإضافة إلى مجموعة تماثيل كانت تزين الفوروم واللوحات الفسيفسائية التي عثر عليها في الحمامات.
تعتبر من أكبر معاصر الزيتون بشمال إفريقيا التي تنتج وتصدر زيت الزيتون إلى روما، شيدت في عهد الإمبراطور تراجان 98- 117 م، تقع ببلدية الماء الأبيض، على بعد حوالي 35 كلم عن مدينة تبسة. ولقد كان للمساحات الزراعية الهائلة لأشجار الزيتون الأثر الكبير في إنشاء عدد معتبر من المعاصر وصل عددها إلى المائتين حسب بعض المصادر التاريخية وذلك على الطريق الرابط بين تبسة ونقرين، وهو على العموم دليل على الرخاء الإقتصادي الذي وصلت إليه المنطقة في تلك الفترة.
تتكون المعصرة من أربعة أقسام وثلاثة طوابق يحمل كل منها ستة معاصر وبها أبواب ضخمة، بنيت هذه المعصرة بحجارة ضخمة، كما تميزها الأقواس والأرضيات المبلطة.
هو إحدى المعالم الأثرية الإسلامية التي تعود إلى الفترة العثمانية، شيد سنة 1842 ميلادي بعناصر معمارية رومانية من أحجار، تيجان وأعمدة، يتواجد داخل القلعة البيزنطية غير بعيد عن قوس النصر كراكلا، يتميز بمنارته الأسطوانية الشكل ذات الطابع العثماني، يعتبر تحفة فنية إسلامية من خلال التنوع الهندسي المتميز به، والذي بقي محافظا عليه إلى يومنا الحاضر.
ملخص لأهم نشاطات سنة 2016
ملخص لأهم نشاطات سنة 2017
ملخص لأهم نشاطات سنة 2018
ملخص لأهم نشاطات سنة 2019
قام المتحف العمومي الوطني بتبسة بإصدار العديد من الكتب و المطويات، و ذلك من أجل التعريف بالموروث الحضاري لولاية تبسة و تقريبه من المواطن
قام المتحف العمومي الوطني بتبسة بإنجاز العديد من الأقراص السمعية و البصرية
إن إدارة المتحف العمومي الوطني بتبسة تحت تصرفكم، لإبداء آرائكم و استفساراتكم يرجى الاتصال بنا عبر صفحتنا المخصصة لهذا الغرض
العنوان: طريق عنابة، بجانب الإذاعة الوطنية. ولاية تبسة 12000
البريد الإلكتروني: info@museepublicnationaltebessa.net | الهاتف:0740 3755 - 213
جميع الحقوق محفوظة © 2016 المتحف العمومي الوطني - تبسة